هو أحد فروع الرياضيات الهامة ذات التطبيقات الواسعة. وهو علم جمع وتبويب وتفسير البيانات وبمعنى آخر مستوعب الأدوات التي يستعان بها في البحث التجريبي. يهتم علم الإحصاء بجمع وتلخيص وتمثيل وإيجاد استنتاجات من مجموعة البيانات المتوفرة، محاولًا التغلب على مشاكل مثل عدم تجانس البيانات وتباعدها، كل هذا يجعله ذا أهمية تطبيقية واسعة في شتى مجالات العلوم من الفيزياء إلى العلوم الاجتماعية وحتى الإنسانية، كما يلعب دورًا في السياسة والأعمال.

تاريخ الاحصاء عربيا يرتبط بوجود أقدم الكتابات حول الاحتمالات والإحصاءات إلى علماء الرياضيات وعلماء التشفير العرب، خلال العصر الذهبي الإسلامي بين القرنين الثامن والثالث عشر. كتب الخليل بن أحمد الفراهيدي (717-786) كتاب رسائل التشفير، الذي يحتوي على أول استخدام للتبديلات والتوليفات، لسرد جميع الكلمات العربية الممكنة مع وبدون حروف العلة. أقدم كتاب عن الإحصاء هو أطروحة القرن التاسع عشر حول فك رموز الرسائل المشفرة، كتبها الباحث العربي الكندي (801-873). قدم الكندي في كتابه وصفًا تفصيليًا لكيفية استخدام الإحصائيات وتحليل التردد لفك تشفير الرسائل المشفرة. وضع هذا النص أسس الإحصاء وتحليل الشفرات.قام الكندي أيضًا بأول استخدام معروف للاستدلال الإحصائي Statistica Infrence، بينما طور هو وغيره من مصممي التشفير العرب الأساليب الإحصائية المبكرة لفك تشفير الرسائل المشفرة. قدم ابن عدلان(1187-1268) فيما بعد مساهمة مهمة، في استخدام حجم العينة في تحليل التردد.

اما تاريخ الاحصاء اوروبياً يعود الى أقدم كتابات أوروبية عن الإحصاء إلى عام 1663، مع نشر Natural and Political Observations upon the Bills of Mortality لجون جرونت اذ سلط الكتاب علر التطبيقات المبكرة للمنهجية الإحصائية حول احتياجات الدول لوضع سياستها على البيانات الديموغرافية والاقتصادية، ومن هنا جاء علم الإحصاء. اتسع نطاق تخصص الإحصاء في أوائل القرن التاسع عشر ليشمل جمع وتحليل البيانات بشكل عام. حالياً، يستخدم الإحصاء على نطاق واسع في الحكومة والأعمال والعلوم الطبيعية والاجتماعية.

الأسس الرياضية للإحصاءات الحديثة وضعت في القرن السابع عشر مع تطوير نظرية الاحتمالات بواسطة جيرولامو كاردانو وبليز باسكال وبيير دي فيرما. نشأت نظرية الاحتمال الرياضي من دراسة ألعاب الحظ، على الرغم من أن مفهوم الاحتمال قد طبق بالفعل في قانون العصور الوسطى ومن قبل فلاسفة مثل خوان كارامويل. وصفت طريقة المربعات الصغرى لأول مرة بواسطة أدريان ماري ليجاندر في عام 1805.

تطور مجال الإحصاء الحديث في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين على ثلاث مراحل.كانت الموجة الأولى، في مطلع القرن، بقيادة فرانسيس جالتون وكارل بيرسون، اللذين حولا الإحصاء إلى نظام رياضي صارم يستخدم في التحليل، ليس فقط في العلوم، ولكن في الصناعة والسياسة أيضًا. تضمنت مساهمات جالتون تقديم مفاهيم الانحراف المعياريوالارتباط وتحليل الانحدار وتطبيق هذه الأساليب في دراسة الخصائص المتنوعة للإنسان مثل الطول والوزن وطول رمش العين وغيرها.طور بيرسون معامل الارتباط لبيرسون، والذي يُعرَّف بأنه قياس مدى الارتباط بين متغيرين في نفس بيئة البيانات، لتناسب التوزيعات على العينات ، اضافة الى ذلك أسس جالتون وبيرسون Biometrika كأول مجلة للإحصاء الرياضي والإحصاء الحيوي (ثم أُطلق عليها علم القياس الحيوي)، وأسس هذا الأخير أول قسم إحصائي جامعي في العالم في كلية لندن الجامعية.

بعدها صاغ العالم رونالد فيشر مصطلح فرضية العدم أثناء تجربة ذواقة الشاي (ذواقة الشاي هي تجربة عشوائية في مجال الإحصاء ابتكرها رونالد فيشر وكتب عنها في كتابه «تصميم التجارب» في عام (1935). ومفاد القصة كانت هناك سيدة تدعي موريل بريستول تقول بأنها قادرة على معرفة ما إذا كان الشاي أو الحليب قد تمت إضافته أولاً إلى الفنجان. اقترح فيشر بإعطاءها ثمانية أكواب بترتيب عشوائي أربعة منها صب الشاي أولاً ثم الحليب وآخرى صب بالعكس. يمكن للمرء أن يسأل ما هو عدد الكؤوس الممكنة التي حددتها بشكل صحيح للتأكد من مصداقية السيدة هذه التجربة توضح مفهوم عن فرضية العدم حيث وصف فيشر في أقل من 10 صفحات مفادها «لم يتم إثباتها أو إثباتها مطلقًا، ولكن ربما يتم دحضها أثناء التجربة».

الموجة الثانية بدأها ويليام سيلي جوسيت من العقد الأول من القرن الماضي، وبلغت ذروتها في رؤى رونالد فيشر، الذي ألف الكتب المدرسية التي كان من المفترض أن تحدد الانضباط الأكاديمي في الجامعات حول العالم. كانت أهم منشورات فيشر هي الورقة الأساسية التي نشرها عام 1918 بعنوان العلاقة بين الأقارب على افتراض الميراث المندلي (الذي كان أول من استخدم المصطلح الإحصائي، التباين)، وعمله الكلاسيكي عام 1925، الأساليب الإحصائية لعمال البحث، وعام 1935 تصميم التجارب،حيث طور تصميمًا دقيقاً لنماذج التجارب. ابتكر مفاهيم الاكتفاء والإحصاء الإضافي وتحليل التمييز الخطي ومعلومات فيشر.في كتابه «النظرية الوراثية للانتقاء الطبيعي» عام 1930، طبق الإحصاء على مفاهيم بيولوجية مختلفة مثل مبدأ فيشر . (والذي أطلق عليه أنتوني إيدوارد «ربما الحجة الأكثر شهرة في علم الأحياء التطوري») وFisherian Runaway‏مفهوم في الانتقاء الجنسي حول تأثير ردود الفعل الإيجابية الجامح الموجودة في التطور الحيوي.

الموجة الأخيرة نشأت بشكل أساسي لصقل وتوسيع التطورات السابقة، من خلال العمل التعاوني بين إيغون بيرسون وجيرزي نيمان في الثلاثينيات. اذ قدموا مفهوم الخطأ من «النوع الثاني» وقوة الاختبار Power of the Test وفترات الثقة Confidence Interval. وأظهر جيرزي نيمان في عام 1934 أن أخذ العينات العشوائية الطبقية كان بشكل عام طريقة أفضل للتقدير من أخذ العينات المتعمدة (الحصصية).

اليوم، يتم تطبيق الأساليب الإحصائية في جميع المجالات التي تنطوي على اتخاذ القرار، لإجراء استنتاجات دقيقة من مجموعة من البيانات ولاتخاذ القرارات في مواجهة عدم اليقين على أساس المنهجية الإحصائية. أدى استخدام أجهزة الحاسوب الحديثة إلى تسريع العمليات الحسابية الإحصائية على نطاق واسع، ولا تزال الإحصائيات مجالًا للبحث النشط على سبيل المثال حول مشكلة كيفية تحليل البيانات الضخمة. Big Data.

.

Similar Posts

اترك تعليقاً